الجمعة، 5 مارس 2010

وَ كل عامٍ وَ أنا بخيْر = ) .. 18


حقاً .. إنّ الأيامَ تجري سَريعاً .. !
بلغتُ الثامنة عشر تواً و لا أشعر بأي شيء ، كنتُ قد قرّرتُ منذ وقتٍ طويل بأني سأبقى طفلةً للأبد و بأن الرقم الفاصل بين عمر الأطفال و الكبار هو 18 و هكذا قررت ألا أصل إليه و اجتهدت في عدم الوصول إلى عامي الثامن عشر و لكن يبدو أن الوقت يجري بنا جرياً سواء شئنا أم أبينا !
قبل شهرٍ تقريباً كنتُ خائفةٌ جداً من هذا اليوم و كنتُ أشعر بالكآبة جداً لأني لم أشأ دخول عالم الأشرار أعني عالم الكبارْ ، كنتُ شبه متيقنة بأني ما إن أبلغ عامي الثامن عشر حتى أتحول إلى إنسانة أخرى مختلفة تماماً ، شريرة و قاسية جداً !
الأمر الذي لم أكن أعلمه هو أن ما يغيرني ليس الرقم الذي يحدد السنوات التي بعثرتها في هذه الدنيا و لكن في الأيام التي رافقتني كل يوم و صنعت مني " أفنان " ، كنتُ أتساءل قبل قليل : بعد أن قضيتُ أعواماً ثمانية عشر في هذه الدنيا .. ما الذي تعلمته ؟ ما الذي حصلتُ عليه ؟ ما الذي اكتسبته ؟ ما الذي فقدته ؟ ما هي التجارب التي مررتُ بها ؟ و ما هي الخبرات التي خرجتُ بها ؟ .... و أسئلة كثيرة جداً دارت في بالي لم أعرف كيف أجِب عنها . لقد تعلمت الكثير الكثير و لكن من المؤسف أن الخبرة هو المشط التي تعطينا إياه الحياة بعد أن نفقد شعرنا .. ! أشعرُ بأنه أمرٌ مثيرٌ للسخرية نوعاً ما = ) .
أنا إنسانةٌ حساسةٌ جداً ، هشة المشاعِر جداً ، سريعة العطب ، و كالإسفنجة أمام الحزن أمتصه بسررررررعة ! لكني متفائلةٌ جداً ، الشيء الذي أتمنى أن أتقنه أكثر هو : الإيمان ، أؤمن بالكثير من الأشياء و لكن على عكس الحب .. الإيمان الذي لا يكون أعمىً يجب أن يكون كذلك ! ـ أو هكذا أظن ـ ، إن الصّبر لا تأتي هداياه إلا من السّماء و هذا أمرٌ مؤكد جداً ، وَ الله .. الله لا يخذلُ أحداً أبداً أبداً أبداً !
في عامي الثامن عشر حققت أغلب أحلامي إن لم تكن كلها ، حصلتُ على القطة التي لطالما حلمتُ بها .. كانت هديةً مبكرة من صديقتاي اللتين لن أنسى لهما هذا الأمر أبداً ، فحينما ظللتُ أقنع نفسي بأن الأحلام مستحيلة .. لم تنتظراني بل أحضرتا الحلم إلي و وضعتاه بين يديّ و حصلتُ على " كراميل " الذي في دقائق معدودة أصبح قريباً جداً إلى نفسي و عزيزاً جداً على قلبي ، أعطيته كل الحب الذي استطعتُ و لعبتُ معه بقدر ما شاء و شئتُ .. و لكنْ بعضُ الأشياء ليس مقدرٌ لها أن تستمر ، فاليوم .. و قبل ساعاتٍ معدودة فقدتُ صديقي كراميل بأسىً و تعاسةٍ شديدة و فقدتُ أجمل هديةٍ حصلتُ إليها على الإطلاق ، و أحلى حلمٍ تحقق لي أبداً ! و لكن " قدر الله و ما شاء الله فعل " ، عزائي بأن الله سيعوضني خيراً بإذنه و بأني ما دمتُ لم أفقد صديقتاي الأفضل على الإطلاق فإن حياتي لازالت بخير و أنا لازلتُ سعيدة و بنعمةٍ كبيرة !
صحيحٌ بأني أصدق الجملة التي تقول بأن المصائب لا تأتي فرادى و لكن كتائب كتائب .. و لكني أيضاً أصدق بأن الله لا يأخذ منا كل شيء في الوقت نفسه ، و بأن الله لا يأخذ منا شيئاً إلا و يعوضنا خيراً منه و أنا أؤمن بالله و أصدقه جداً .
الأهم من هذا أني حققتُ الهدف الذي أردت أن أحققه قبل أن أبلغ عامي الثامن عشر ، بعد أن بحثتُ طويلاً جداً .. وَ أخييييراً وجدتُ " توأم الروح " التي لطالما حلمتُ و أردتُ الحصول عليها ، بصراحة بدأت أيأس في السنة الأخيرة و ظننتُ بأني لن أحقق هذا الهدف أبداً ، لكني لم أكن أعلم بأن السنة الأخيرة هي التي كانت تحتفظ لي بتوأم روحي و كانت فقط تنتظرني لآتي و أحصل عليها و آخذها معي لترافقني و أرافقها في رحلة الحياة !
و هكذا بتُ أكثر إيماناً بالأحلام و أكثر تصديقاً بها ، و الآن لم أعد أظن بأن أحلامي مستحيلة ، و حينما أقول بأن لا شيء مستحيل في هذه الحياة فأنا أعني ذلك ، و الآن فقط أستطيع أن أصدق بأني ـ بإذن الله ـ سأتمكن يوماً ما من الطيران و التحليق في السماء عالياً لأشعر بالحرية التي أنشدها .
حينما أمعن التفكير أكتشف بأن الحياة لم تأخذ مني بقدر ما أعطتني ! صحيحٌ بأنها أخذت مني الكثير الكثير ، لكنها أعطتني أشياء ـ و إن كانت قليلة ـ إلا أنها تساوي أكثر بكثيييير مما أخذته مني !
و لو أني كلما شعرتُ بالحزن فكرّت بهذا ، لعلمتُ بأني لا أحتاج إلي السعادة ، فهي موجودة بالقرب جداً إنها لا تحتاج سوى إلى التفاتةٍ بسيطة مني إليها .
قد أكون لا أحب ما أفعله الآن ، و لكن كما قالت لي صديقتي قبل عدة أيام : بأنه ليس من الصعب أن نعمل ما نحبه ، و لكن الصعب أن نحب ما نعمله . و هذا ما قررتُ أن أفعله ، نعم يوجد الكثير مما لا أحبه و لكني أفعله و سأستمر في فعله و سأحاول أن أحب كل هذه الأشياء و أستغلها و أصنع منها درباً يقودني إلى أحلامي التي لم أحققها بعد ، إن الظروف بين يدي أشكلها كما أشاء ، و لا يوجد أي شيء في الكون لا يصلحه الدعاء إن تدمّر !
أجمل الأشياء التي تعلمتها قبل بلوغي عامي الثامن عشر أن أمر المؤمن كله خير ،  و هذا أمرٌ رائع جداً يجعلني سعيدة طوال الوقت حتى و إن كنتُ حزينة ، حتى و إن شعرتُ بأن الأمور تغيّرت و أن الأشياء اختلفت ، حتى و إن شعرتُ بأني لم أعد أطيق شيئاً و بأن الحياة أصبحت سوداء في ناظري ، و حتى لو فقدتُ الأمل بكل شيء ، فإني لن أفقد الأمل بالله أبداً .. هذا ما يجعلني صابرة ! لا شيء يحدث بلا سبب ، هذا أمرٌ مؤكدٌ جداً ، و لا شيء يحدث بلا مقابل ، و كما كان جدي ـ رحمه الله ـ يقول : " الدنيا دَيْن " ، نعم والله هي كذلك .. الدنيا دين ! و كل ما نفعله سيحدث لنا خيراً كان أو شراً .

أكثر ما كنتُ أخشاه ببلوغي عامي الثامن عشر هو أن أفقد العفوية التي تميّزني عن غيري ، و الغرابة التي يصفني الجميع بها حتى أصبحتُ أحبها ، و البراءة التي تظهر في عيني رغم الشقاوة التي أتصرف بها ـ كما يقول الجميع ـ ، كانت هذه الصفات التي اجتمعت فيّ تساعدني كثيراً على تحمّل و حمل الكثير و الصبّر على الكثير ، و الخوف كان يتنامى في داخلي بأني سأنهار بدونها ، و هذا ما جعلني أتصرف بـ لاعقلانية في الفترة الطويلة الأخيرة ، ما لم أكن أعرفه ، العقلانية أمرٌ و هذه الصفات أمرٌ آخر ، و بأني ما دمتُ بقرب الله سأكون بخير و أني حتى و إن كبرتُ قليلاً فهذا لا يعني بأن أسمح لقلبي بأن يتلوث أو يتعكر في الحياة !
رغم أني كنتُ أحمل هذه الصفات و غيرها و على الأرجح لازلت إلا أني اكتشفتُ بأني لستُ صالحةً كما يجب ، و لستُ طيبةً كما يجب ، و لستُ نقيةً كما يجب ، و لستُ بيضاء كما يجب ! و بأني كذبتُ كثيراً و ربما جرحتُ بعض القلوب حتى لو لم أكن أتعمد ذلك و استطعتُ أن أخذل أقرب الناس إلي و تخليتُ عن البعض و استطعتُ أن أكون قاسية و تركتُ بعض الأيادي التي كانت تتمسك بي بقوة وَ وَ وَ ... !!
أكرهني كثيراً لكل هذه الأشياء ، لأني لستُ الإنسانة التي لا يوجد مثلها بالكون رغم أني أحياناً أُقنع غيري بذلك و أني أستطيع أن أكون شريرة أحياناً و مخادعة في أحيان أخرى .. و الأسوأ من كل هذا أني غالباً اخترتُ أن أدير ظهري بهذه الأشياء كلها إلى القلوب التي تستحق وقفتي بقربها أكثر من غيرها و التي لطالما كانت هناك بقربي و لطالما أمسكت بيدي و ربتت على كتفي كلما شعرتُ بالخوف !
و لكن جيد بأن الوقت لم يتأخر لأتغيّر و أعيد الأشياء الجميلة إلى مكانها و أتخلص من أشيائي القبيحة !

في الأعوام الثمانية عشر التي مضت حدث لي الكثير الكثير ، كسبتُ الكثير و خسرتُ الكثير ، مررتُ بالكثير ، نجحتُ و فشلت ، تحققت بعض أحلامي و ماتت في مهدها أخرى ، انكسر قلبي و أعدت إصلاحه ، لكن الجميل أنه لازال هناك أمل .. و أني لازلتُ أتعلم الكثير الكثير و أن في كل يومٍ يمر بي شيءٌ جديد أتعلمه و خبرة جديدة أكتسبها ..

أمنية أخيرة : سأكون إنسانة أفضل بإذن الله !