الخميس، 28 أغسطس 2014

التفاصيل التي تموت دون حضورك.




أنت لا تفهم. أنت حقاً لا تفعل. أنت لا تدرك حجم هذا الشوق الذي يتعاظم فيَّ لحظة بلحظة كوباء. أنت لا ترى أنه يأكلني. يلتهمني قضمةً قضمة. أنت لا ترى اليأس في عيني. تفاصيل يومي تفتقدك. الشاي .. “الككاو” .. موعد المساء .. و عشرات القصاصات المتناثرة هنا و هناك. استيقاظي في الصباح .. ابتسامتي .. و كل هذه الصور التي ينقصها حضورك. الأكواب التي تفخر بنفسها على الرف. الإطار الذي يزهو بصورتك. فواصل الكتب التي لا تتوقف عن الكلام. الوردة التي تتراقص بزهوٍ في السيارة. الكلمات التي تستقبلني كل صباح. و الكلمات التي تودعني كل ليلة. الكريمات التي تقبّل وجهي و تسرّح شعري. المحابِس الثلاثة الذين لا يدورون في إصبعي. سورة الكهف يوم الجمعة. علبة الشوكولاتة البنفسجية. الكتاب قليل الكلام. مشبك الورق الذي لم يحتضنه أحد منذ الأزل. قطعة السبال المنسية. الورقة الرسمية ذات الخطأ المطبعي. القلب الورقيّ الأول. القاردينيا و الجوري الذين يرمقوني بنظرة الأسى. الأغصان الغضة و كل هذه الوريقات الخضراء التي تحميه. و ملايين التفاصيل الأخرى. أيامي الرتيبة .. لا أحبها في غيابك. حياتي المملة .. أكرهها و أنت بعيد. كل الأشياء السخيفة التي أحببتها لأنك معي ، لم يعد لها معنى بدونك.

الخميس، 23 يناير 2014

عن صديقتي التي ماتتْ.




صَديقتي ماتتْ.
لمْ أبكِ.
اكتفيتُ باحترام حُزنِ الجَميع على موتِها ،
وَ لمْ أحتَرم حُزني.
أنا غاضِبةٌ جداً منِّي.


كان بيني و بينَ صَديقتي ـ التي ماتتْ ـ سبعُ سنواتٍ طوالٍ عجاف ، حتى جاء الموت وِ أحدَث بيننا هُوّة عميقةً لا تُعبَر ، حُفرةً عملاقةً لا تُردَم. مَضى على موتِها ساعتان ، يومان ، أسبوعان ، و لم يَعد بإمكاني أن أدفن دموعي أكثر ، أنا أفيضُ مِنَ الدَّمع. عندما يسألون: "من الذي مات ؟" ، أنا أجيبُ: "صَديقتي." ، وَ أسخر منّي ، أتعامَلُ مع موتِها و كأنه مزحة ثقيلةُ من نوعٍ ما ، أنا لا أصدِّقني ، أنا ـ باحترافٍ شديدٍ ـ أكذِّبني ، وَ أضحك و أخرج و أستمتع و كأن هذه الفاجِعة التي ألمَّت بِروحي لا تعنيني ، أنا بطريقةٍ محترفةٍ أنسلخُ من قَلبي كأنه ليسَ جزءاً منّي.


"بشرى هلال" ياله من اسمٍ شاعريٍ جداً لشابةٍ كانت على وشكِ الزواجِ فماتتْ ، ما هذه البشرى الحزينة التي جاء بها هذا الهلال ؟ يالهُ من قاسٍ ، ياله من قاس.



"اللهم ارحم موتانا و موتى المسلمين. آمين."