الأربعاء، 21 يوليو 2010

بِلا ملامِحْ






أجلِسُ في صالتنا الوَردية وَحدي .. أُمسكُ بِخيوط الصوف الوَردية و العَصاتانِ المعدنيتانِ الطويلتان بين يديّ و ألتزمُ الصّمت وَ أجلِسُ بِهُدوءٍ تامٍ و أدّعي بأن الحياكة تشغَلني بينَما في الحقيقةِ أنا مَنْ يَشغَلُها ، في الواقِعْ إنّ جلّ ما أفعلهُ هو التفكير بكِ وَ انتظارُ عودتكِ بصبرٍ فارغٍ بَينَما تنتَظرني أعوامٌ .. أعني أيامٌ طويلة منه .
تَتَرقرقُ في عيني الدّموع وَ لا أبكي ، أنتظر الليالي لأفرغَ كل الدمّوع التي تَجولُ في عيناي . في غيابِ سَندي وَ روحي أتحلى بالقوة وَ أرسُمُ تَقاسيمها على وَجهي بينما الضّعف ينهشُ دواخِلي بِعنف ، تُحطيني عَوالمَ مِنَ الوحدة وَ يُلازمني الصّمت كأقرب رفيقٍ ، أضيّع ابتساماتي وَ ضحكاتي .. أفقد الرغبة في كل شيء إلا النّوم ، أفقد الشعّور بكل شيء إلا الشوق ؛ أتعلّم أعظم دروس الصبّر المرّ و الإنتظار السقّيم ، لا شيء في وجهي يبشّر بخير ، لا شيء يوحي بالحَياة إلا لمعان الدمّوع في عيوني ، تنال منّي الوحدة حقاً في غيابكِ ، يتملّكُني الأسَى حتى أقصَى الحدود وَ يَرسُمُ لي الحُزنَ نَظراتي ؛ أؤمن بأن الوحدة تجعلنا أقوى .. تَصنَعُ حولنا قشْرَةً صَلبة يَصعُب اختراقُها ، تَقتُل المَشاعِر فينا لتَجعلنا أكثر بُرودةً و أشدّ تقبلاً و تحملاً للأسوأ ، أؤمن بذلك ! و أعرفه كذلكَ جيّداً .. لأني سَبَق و أن سَلكتُ ذلك الدّرب القاسي وَ فقدكِ الآن يُنعش ذاكرتي ، و لكن الوحدة بالمُقابِل : تقتُلنا بِبُطء مؤلم وَ سُرعةٍ خانِقة !
لا شيء في بعدكِ يُغريني على الإطلاقْ .. كل شيء يبدو مملاً قاتماً خانقاً في غيابكِ وَ الحياةُ من دونكِ .. جداً لا تطاق !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حدائقي تذبل دون هطولكم ، أمطروني بغيثكم لكي أحيا ..